تأملات في
منهج النقد عند المحدثين ... (1)
ميزاته ومحاسنه عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
أولاً: شروطهم للحديث المقبول ودقتها وتعلقها بالسند والمتن، وشروطهم في الراوي ليكون مقبول الرواية، وأنه حتى بعد توافر شروط القبول في الراوي لم يكتفوا بذلك لقبول روايته، بل اشترطوا أيضاً شروطاً في روايته، كما هو معلوم من شروط الحديث الصحيح، وشروط الحديث الحسن مثلاً.
ثانياً: أنواع علوم الحديث التي ابتكروها واصطلاحاتهم فيها، وعنايتهم بالتحقيق في تلك الاصطلاحات.
يَشْهد كلُّ ذلك بعنايتهم الدقيقة بالسند والمتن من حيث كثرة هذه العلوم وتنوعها من جهةٍ حتى شملت كلَّ الصورة الممكنة في أحوال الرواة وفي أحوال الروايات وفي أحوال الأسانيد، ومن حيث استلزام كثير من تلك الأنواع من علوم الحديث نقدَ السند والمتن جميعاً والمقارنةَ من جهة أخرى.
ثالثاً: كثرة مؤلفاتهم في الحديث وعلومه وتنوعها إلى حد مدهش حقاً، مع عنايتهم بالتحقيق فيها والتدقيق وبيان الصواب من الخطأ دون مجاملة أو تساهل.
رابعاً: إن النقد عندهم قد رافق روايتَهم للحديث منذ البداية([2])، فكان ميزاناً يعرضون عليه الروايات لمعرفة صحيحها من سقيمها لِما اشتمل عليه منهج النقد عندهم من قواعد ومصطلحات دقيقة لهذا الغرض.
فتزامُنُ هذا النقد –بمنهجه الدقيق- لرواية الحديث – بغض النظر عن التدوين الرسمي للحديث- يقطع الطريق على المتقولين في ثبوت الحديث النبوي وفي سلامة منهج المحدثين في نقد الروايات.
بل وجود النقد عندهم بذلك المنهج الدقيق قبل عصر التدوين للمؤلفات الكبيرة في الحديث يعتبر دليلاً عمليّاً واقعيّاً في الرد على الشبهات، التي تثار حول ثبوت الحديث النبوي.
خامساً: إنه بمقارنة منهج النقد عند المحدثين بما يُسمى عند الغربيين منهجَ النقد التاريخي([3]) نجد أن ما في النقد التاريخي من محاسن موجودة في منهج المحدثين، ويزيد منهجُ المحدثين عليه بالدقة وبمجيئه في وقته بالنسبة لنقد الحديث، وصلاحه منهجاً مستمرّاً قابلاً للتطبيق.
أما منهج النقد التاريخي عندهم فإنما وضعوه في مرحلة متأخرة لحل مشكلات في تاريخهم قد حصلت بالفعل، ومن ذلك ما حَلّ منذ زمن طويل في جميع روايات كتبهم "التوراة والإنجيل" من تحريف وتبديل وما إلى ذلك، وهيهات أن يُصْلحَ ذلك المنهج ما أفسد الدهر!!.
وفرق كبير بَيْن أن يوضع منهج –مهماً كان دقيقاً- لمعالجة اختلاق وتحريف قد حَصَلا في كتابٍ ما بعد فَقْدِ كل نُسَخِهِ الصحيحة وفَقْدِ أسباب التعرف على الصواب فيه عن طريق الرواية لانقطاع الأسانيد ووجود مَنْ لا تُقْبَل روايته في الرواة من مجهول أو مجروح –كما هو الحال بالنسبة للتوراة والإنجيل- وبَيْن أن يوضع منهج لضبط الروايات الصحيحة وضمان استمرارها سالمة من التحريف والتصحيف والتبديل كما هو بالنسبة للحديث النبوي.
وبَعْدَ النظر إلى جهود المحدثين في النقد يتبين لنا بوضوح وَجَلاء الأمور التالية:
1- أنها كانت كافية لتمييز صحيح الحديث من ضعيفه من حيث كثرتها وتنوعها، ومن حيث دقتها، ومن حيث شمولها.
2- أنها لم تكن نظرية فقط بل كانت نظرية عملية([4])، فهي نظرية من حيث أَنها أصبحت قواعد للبحث في هذا المجال، وأمَّا أنها عملية فلأنها كانت وليدة الحاجة، وُجِدتْ بمقتضاها وتطورت بتطورها؛ ولأنها أصبحت المحتكَم العملي لكلِ قول يقال في هذا الميدان.
3- أن تلك الجهود رافقت رواية الحديث منذ البداية، ولم تأت بعد فترة طويلة من روايته حَلاًّ لتحريف أو اختلاق قد حَلّ بالحديث –كما مر في الفقرة: "رابعاً".
فكان من نتيجة ذلك وثمراته العظيمة حِفْظُ روايات السُّنّة النبوية، من التحريف، إذْ أن تلك الضوابط التي اتخذها المحدثون، وساروا عليها لتمييز المقبول من المردود من الروايات إنما كانت في أصل نشأتها وقائيّةً ولم تكن علاجيّةً، ثم تطورت حسب الحاجة فيما بعد، في صورتها الوقائية والعلاجية.
سادساً: من مناهجهم أنهم دوّنوا في سِيَر الرواة كل ما رُوي في حقهم جرحاً وتعديلاً، ما صَحَّ وما لم يصح؛ لأنهم –في الغالب- يعتمدون على ذكر السند في ذلك، وَيَرَون أنه يُخْليهم من عُهْدة رواية ما لم يصح في هذا الباب، وأنهم يؤدّون الأمانة حين يوردون فيه كل ما قيل وأنهم يقومون بشيء من النقد لهذه الروايات حين يذكرون أسانيدها. ومَنْ يَغْفل عن منهجهم هذا فإنه قد يحار –أحياناً- أو يضل حين يقرأ بعض السِّيَرِ والتراجم بل بعض سير الأئمة والعلماء لِما يراه مِنْ تناقضٍ مِنْ مَدْحِ وقَدْح في المترجَم له، ولا يُنْقذه من هذا إلا التنبّه لمنهجهم هذا، وتمحيص تلك الروايات والأخذ بالثابت واطّرح ما عداه.
سابعاً: من مناهجهم أنهم –في كثير من الأحيان- يَنْقدون النقد، أي أنهم يطبقون منهجهم في نقد الروايات على ما يُروى من جرح وتعديل في الرواة، فقد استعملوا المنهج في نقد المنهج، ومن الأدلة والأمثلة –معاً- على هذا: شروطهم في قبول الجرح والتعديل، ومن تلك الشروط التثبت من صحة النسبة لهذا الجرح أو التعديل لإمام من الأئمة، ومن ذلك قواعدهم التي وضعوها لتمييز الجرح والتعديل المقبولَيْن من المردودَيْن، وقواعدهم فيما يتصل يتعارض الجرح والتعديل، لذلك تفاوت رجال النقد عند المحدثين وتفاوتت منازلهم، حسب اتباعهم لتلك القواعد النقدية، فقول فلان مثلاً معروف أنه ليس كقول فلان من نقاد المحدثين، والسبب هو مدى تثبته من تطبيق المنهج.
ثامناً: نقْدهم للسند إنما هو لمصلحة نقْد المتن، فعنايتهم بالسند عناية بالمتن، ومن ثمرات ذلك أنه إذا جاء في السند كذاب، رَدّوا الحديث بغض النظر عن استقامة متن الحديث([5])، وهذا نقْد وعناية أبلغ مما يقصده بعض مَنْ تَعَلّق في ذهنه شبهة المستشرقين في تُهْمتهم للمحدثين في العناية بنقد السند دون المتن، فإنه لم نُقِدَ المتن في هذه الحال لربما قيل: معناه سليم وحسن في ضوء الشرع والعقل. لكن المحدثين يردونه بغض النظر عن ذلك، مهما كان حسناً، بل هم كثيراً ما لا يحتاجون إلى النظر في المتن طالما كان في سنده كذاب؛ لأن نقد السند في هذه الحال أغناهم عن نقد المتن. فأيهما أبلغ في التدقيق والتحقيق منهج المحدِّثين أو منهج المُحْدِثين إن كان لهم منهج يا ترى؟!.
تاسعاً: من منهجهم في نقد الروايات أنهم قد ينطلق أحدهم في ذلك مما يبدو أن نقد المتن أسهل من نقد السند؛ فإنّ نقْد السند – في أغلب صوره- أمر لا يستطيعه إلا المحدثون، في حين أنه قد يبدو لغيرهم في حالات قليلة اختلال في المتن، لكن عناية المحدثين بالسند لم تمنعهم من العناية بالمتن فقد اعتنوا بنقد الاثنين جميعاً: السند والمتن. على أن الأمر عندهم ليس المعيار فيه السهولة والصعوبة –ولهذا اهتموا بالأمرين معاً – بَيْد أنهم اعتنوا أكثر بما لا يُحْسنه غيرهم فيما يبدو لي – والله تعالى أعلم.
عاشراً: من منهجهم في نقد الروايات أنهم لا يتقصّدون في نقدهم للرواية تصحيحها أو تضعيفها أي أنهم لا يَضعُون الحُكْم في رؤوسهم أوّلاً ثم يناضِحون عنه على أي حال، وإنما ينقدون الروايات ليعرفوا هل هي صحيحة أو غير صحيحة؟ لأنهم إنما يَحْتكمون في ذلك إلى قواعد ثابتة يَعْرضون عليها الروايات فيتضح لهم بها ما إذا كانت الرواية ثابتة أو غير ثابتة، ولا يكتفون بذلك –في كثير من الأحيان- بل ينقدون النقد- كما سبق –ليميزوا صوابه من خطئه.
والمقصود أن المحدث عندما يبحث في الحديث سنداً ومتناً للتعرف على مدى صحته، لا يتقصّد –غالباً- تصحيح الحديث أو تضعيفه، لأنه ليس مُبيِّتاً حكماً يريد إثباته –وإنما يبحث ليعرف هل هو صحيح أو حسن أو ضعيف ثم بعد ذلك يُصْدِر حكمه على الحديث بحسب نتيجة البحث.
حادي عشر: ومن منهجهم في نقد الروايات أنهم لا يَتَحكّم فيهم مذهب أو هوى –غالباً- في نقدهم للروايات؛ لأن مذهبهم الحديث، وميزانهم في التصحيح والتضعيف قواعدهم الثابتة المعتبرة([6]) فإذا ثبت الحديث فهو دينُهم ومذهبهم([7])، وبذلك اختفى من مذهبهم كثيرٌ من السلبيات التي قد تؤخذ على مذاهب غيرهم –مهما زعم هؤلاء التحقيق- ولعل مِن أسباب هذا أن كثيراً من الطوائف الأخرى – إن انطلقت من قواعد ومناهج- إنما تضع قواعدها ومناهجها في ضوء أهوائها ومذاهبها في كثير من الأحيان. أما المحدِّثون فإنما حاولوا أن يضعوا قواعدهم ومناهجهم في ضوء الوحي المنَزَّة عن الخطأ: الكتاب والسنة([8]).
*
ونقول في نقد الروايات التاريخية: المتن هو الأصل.
فالنتيجة العامة التي أَخْرج بها أن نقد السند هو الذي عليه الاعتماد أكثر من نقد المتن في منهج المحدثين بالنسبة للروايات الحديثية، فالسند نستطيع أن نُثْبِت به الرواية في كثير من الأحيان، ونستطيع أن ننفي به ثبوتَ الرواية، وأما المتن فنستطيع أن نعْرف به عدم ثبوت الرواية في حالات قليلة، ولا نستطيع أن نعْرف به ثبوت الرواية.
فقلت له:
أوافق على هذه النتيجة بشرط التأكيد على التقييد في الترجيح بين النظر للسند والمتن في نقد الروايات، وأن الموازنة إنما هي نسبية؛ حتى لا يُظَنّ أن السند وحده يكفي لإثبات الرواية أو نَفْيها في أغلب الأحوال، بمعنى أنه ليس من الضروري النظر للمتن طالما كان نقْد السند هو الأساس، لو حصل التساهل في هذا في رواية واحدة مثلاً لأَمْكَنَ أن تكون مِنْ تلك الروايات التي سندها صحيح ومتنها موضوع أو باطل.
نتيجة الحوار
وكذلك
أُسلِّم بأن الروايات التي رُدَّ متْنُها رغم صحة سندها قليلة بالنظر إلى الروايات
التي قُبِلَتْ نظراً لصحة سندها وعدم ظهور علة في متنها لكنّي أضيف على هذا بأن
تلك القلة كان مُسْتوعِبةً للحالات التي هي مِنْ هذا النوع، أعني الحالات القليلة
التي كان على المحدِّثين أن يَقِفوا منها ذلك الموقف، فلم يكن في منهجهم تساهل في
هذا الجانب يُمْكن أن تَمُرَّ منه بعض هذه الروايات التي تَتَسِمْ بصحة السند مع
بطلان المتن دون أن يتنبهوا ويردوها.
ولا يفوتني أخيراً أن أشكر مُحاوري وأعترف بفضله في إخراج هذه الأوراق وأنّ ما كان فيها من خير فهو سببه؛ ذلك أنه وإن كان في موقف المتسائل الذي لا يشرح أفكاراً كثيرة مطولة إلا أنه كان ذلك المتسائل المدقق النَّابِهَ، ولقد كان له أثر مشكور في تتبع الإجابات مَرّة بعد مَرّة وإثارة التساؤل حولها، فاقتضى هذا إعادة النظر لبسْطِ بعض الإجابات، وإزالة اللبْس في بعضها، والتثبت والتوثيق لبعض آخر، كما أشكر كل من عَرَضْتُ عليه هذا الحوار من إخواني فأبدوا لي ملاحظاتهم القيّمة، وأسأله تعالى أن يجزي الجميع خيراً، وأن يوفقنا للإخلاص والصواب في القول والعمل.
والحمد لله رب العالمين أولاً وآخِراً،،
ولا يفوتني أخيراً أن أشكر مُحاوري وأعترف بفضله في إخراج هذه الأوراق وأنّ ما كان فيها من خير فهو سببه؛ ذلك أنه وإن كان في موقف المتسائل الذي لا يشرح أفكاراً كثيرة مطولة إلا أنه كان ذلك المتسائل المدقق النَّابِهَ، ولقد كان له أثر مشكور في تتبع الإجابات مَرّة بعد مَرّة وإثارة التساؤل حولها، فاقتضى هذا إعادة النظر لبسْطِ بعض الإجابات، وإزالة اللبْس في بعضها، والتثبت والتوثيق لبعض آخر، كما أشكر كل من عَرَضْتُ عليه هذا الحوار من إخواني فأبدوا لي ملاحظاتهم القيّمة، وأسأله تعالى أن يجزي الجميع خيراً، وأن يوفقنا للإخلاص والصواب في القول والعمل.
والحمد لله رب العالمين أولاً وآخِراً،،
([2])
في عدم تأخر نقد روايات الحديث عن وقته. انظر د. محمد مصطفى الأعظمي في: منهج
النقد عند المحدثين: ص7- 10، وقد ضرب أمثلة للنقد في حياته صلى الله عليه
وسلم . وانظر كذلك المصدر نفسه ص58- 60، والمُعَلِّمي في مقدمته: لتقدمة الجرح
والتعديل، لابن أبي حاتم: ص: ب، كذلك انظر المعلمي في: عِلْم الجرح والتعديل: ص10
فما بعدها.
([5])
اطْلع مُحاوري على هذه العبارة فقال: "وهذا دليل أنّ نقْد السند أقوى من نقْد
المتن عند المحدثين"".
فقلت له: ليس الأمر كذلك بدليل ما يحصل في المقابل، وهو أنه قد توجد أمور أخرى في المتن توجب ردّه –عند المحدّثين- ولو كان السند صحيحاً، وانظر تطبيقات عملية في نقد الروايات، ولاسيما من جهة المتن، في كتاب "التمييز"" للإمام مسلم، وكتاب "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة"" للزركشي، و"المنار المنيف في الصحيح والضعيف"" لابن القيم، وانظر: تطبيقاً عمليّاً كذلك في نقْد كتاب الأغاني في مجلة "البصائر"" العدد العاشر.
فقلت له: ليس الأمر كذلك بدليل ما يحصل في المقابل، وهو أنه قد توجد أمور أخرى في المتن توجب ردّه –عند المحدّثين- ولو كان السند صحيحاً، وانظر تطبيقات عملية في نقد الروايات، ولاسيما من جهة المتن، في كتاب "التمييز"" للإمام مسلم، وكتاب "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة"" للزركشي، و"المنار المنيف في الصحيح والضعيف"" لابن القيم، وانظر: تطبيقاً عمليّاً كذلك في نقْد كتاب الأغاني في مجلة "البصائر"" العدد العاشر.
([8])
علَّق مُحاوري على هذه الفقرة بقوله: "قواعد المنهج شيء وطريقة تطبيقة شيء
آخر، فلابد من التفريق بين الاثنين"".
قلت: "نعم الأمر كذلك ولهذا فإن هذا الوصف أغلبي، وقد اتصف به منهج المحدثين بالحكم الغالب، وليس بالدِّقة المنطبقة على كل شخص من المحدِّثين، وهذه الأغلبية كافية في إصدار الحُكْم العام، ولا سيما أن الكلام إنما هو عن المنهج وليس عن الأشخاص، والمنهج لا يخرمه مخالفة فَرْد أو اثنين أو ثلاثة له. وقد وُجِد في المحدِّثين من اتصف بصفات لا يقره عليها المحدِّثون ولا منهجهم، ولكن ليس كل شخص يؤخذ عنه المنهج –لأي عِلْم من العلوم- ثم نحن نتبع الناس في صوابهم وليس في أخطائهم. والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً.
قلت: "نعم الأمر كذلك ولهذا فإن هذا الوصف أغلبي، وقد اتصف به منهج المحدثين بالحكم الغالب، وليس بالدِّقة المنطبقة على كل شخص من المحدِّثين، وهذه الأغلبية كافية في إصدار الحُكْم العام، ولا سيما أن الكلام إنما هو عن المنهج وليس عن الأشخاص، والمنهج لا يخرمه مخالفة فَرْد أو اثنين أو ثلاثة له. وقد وُجِد في المحدِّثين من اتصف بصفات لا يقره عليها المحدِّثون ولا منهجهم، ولكن ليس كل شخص يؤخذ عنه المنهج –لأي عِلْم من العلوم- ثم نحن نتبع الناس في صوابهم وليس في أخطائهم. والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق